ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على خطاب الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله امس بمناسبة يوم الجريح المقاوم وتحدثت عن التساؤلات التي طرحها السيد عن معرفة المعلومات المسبقة من قبل فرع المعلومات بعميل شركة الفا شربل قزي وعن كلام السيد عن مؤامرة كبرى مقبلة على البلد عبر القرار الظني للمحكمة الدولية الذي يعتمد على الاتصالات والذي تبين انه مخترق من العدو الصهيوني .
صحيفة السفير وصفت كلام السيد نصرالله بانه تفجير قنبلة سياسية كبيرة توزعت شظاياها في اتجاهات مختلفة صرخة كبيرة لم يكن أحد ينتظرها. لا في السلطة الحالية المعنية بتقديم أجوبة سياسية على أسئلة محددة أبرزها ما يتصل بفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ولا في السلطة السابقة برئاسة فؤاد السنيورة من خلال استعادة مسؤوليتها عن القرارين الشهيرين في 5 أيار 2008، ربطا بما تكشف حول ملف الاتصالات الخلوية، وفي الحالتين، الأمر لا يتصل بمعطيات أو حرتقات داخلية لبنانية، بل باختراق إسرائيلي، ألمح نصر الله الى أنه قد يكون بلغ صميم بنيان المحكمة الدولية التي ارتكز عملها في الفترة الأولى، على عدد من الشهود، الذين صاروا كلهم شهود زور مطلوبين للعدالة، وصار عملها متمحورا في المرحلة الثانية، على داتا الاتصالات الخلوية، فإذا بها مطعون بصدقيتها وبكل ما يمكن أن يتضمنه أي قرار اتهامي عن المدعي العام الدولي القاضي دانييل بيلمار، إذا استند اليها.
ورات السفير ان السيد أعاد تصويب البوصلة المقاومة ما تزال هي الهدف منذ سنوات، والحرب عليها تتخذ أشكالا متعددة، واليوم، هناك من بات يعد الساعات والأيام والشهور، في انتظار قرار اتهامي يدين المقاومة بعنوان مجموعة غير منضبطة، وهي الصيغة التي يحاول ترويجها أكثر من مرجع سياسي وديني في محاولة لتثبيت الاتهام لا نزعه عن المقاومة، وهو الأمر الذي تقاطع مع معلومات حصل عليها رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، من جهات دبلوماسية غربية، وقدم خلاصتها مؤخرا للرئيس السوري بشار الأسد، ثم للسيد حسن نصر الله الذي وضع بعض الحلفاء في أجوائها ومنهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية خلال العشاء المطول الذي جمعه بالأخير ليل أمس الأول.
وحسب المعلومات المتوافرة للسفير ، فإن عون أبدى تخوفه من سيناريو دراماتيكي، تتداخل فيه عناوين المحكمة وإسرائيل والداخل اللبناني، ويتمثل ذلك في تحضير بيئة سياسية داخلية للقرار الظني عبر نظرية المجموعة غير المنضبطة، ويترافق ذلك مع توتير داخلي لبناني لبناني، ولبناني فلسطيني، وعند صدور القرار الظني، يبدأ العد العكسي لعمل عسكري إسرائيلي واسع النطاق، تصبح معه المقاومة أسيرة النار الاسرائيلية من جهة ونار الفتنة الداخلية من جهة ثانية، ويصبح جمهورها من جهة ثالثة، رهينة النارين.
وأبدى عون مخاوفه من أن يتقاطع القرار الظني والعدوان الاسرائيلي مع تحرك مجموعات عسكرية في الداخل اللبناني وخاصة في البيئة المسيحية، من أجل فرض أمر واقع جديد في المناطق المسيحية، وفي الوقت نفسه، تنبري بعض المجموعات الأصولية خاصة في المخيمات الفلسطينية، لرسم وقائع جديدة في ساحات محددة، ويصبح مشروع الفتنة في لبنان مفتوحا على أكثر من احتمال.
وفي مواجهة هذه المعطيات، طلب عون من حلفائه وخاصة من حزب الله أن يعد العدة للفتنة الآتية، وأن تكون باكورة الاستعداد إعادة النظر بالتركيبة الحكومية الحالية، ذلك أن حكومة كهذه لن تكون قادرة على مواجهة الفتنة بل هناك فريق وازن فيها يراهن على الفتنة ويعمل من أجلها وربما يكون دوره تغطيتها.
وقال عون مخاطبا نصر الله"يريدون قتلكم مجددا يا سماحة السيد وممنوع عليكم أن تصرخوا.. أو أن تدافعوا عن أنفسكم... هناك فريق لبناني ما زال مراهنا على حرب اسرائيلية جديدة، لذلك.. أنا أنصحكم بتغيير قواعد اللعبة.
وفي السياق نفسه اعتبرت السفير انه اذا كان خطاب السيد نصر الله قد أبرز، من جهة، التداخل الخطير بين انكشاف قطاع الاتصالات والعمل التجسسي والمحكمة، فإنه يشير من جهة ثانية الى فتح المعركة مع القرار الاتهامي، وبحسب التوقيت الذي اختاره السيد، في لحظة بدء انهيار البنيان التجسسي في قطاع الخلوي وما تكشف عنه من وقائع ومعطيات واعترافات كرر مصدر امني كبير وصفها بأنها غاية في الخطورة.
وفيما يوحي كلام السيد نصر الله وكأنه يمتلك معطيات أساسية وقوية مما بلغه التحقيق مع العملاء، وربما يتظهـّر بعضها في إطلالته المقبلة، قال مصدر أمني كبير للسفير إن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني واصلت تحقيقاتها مع جاسوسي ألفا شربل ق. وطارق ر. كما يستمر التحقيق مع الموظف السابق ج. ر. الذي ما يزال موقوفا.
ولم يشر المصدر الى اعترافات حاسمة للموظف السابق، الا انه اشار الى ان التحقيق معه يتركز حول الموقع الذي شغله في الشركة قبل ان يطرد منها بعدما تبيّن انه يخترع لنفسه برامج معينة مكنته من الدخول إلى أجهزة الكومبيوتر العائدة لزملائه والدخول الى البريد الالكتروني لجميع الموظفين والاطلاع عليها.
وأشار المصدر الى ان التحقيق معه يتركز حول ما اذا كانت غايته التلصص على زملائه، او أبعد من ذلك. علما ان زوجته ما تزال موظفة في الشركة نفسها.
اما بالنسبة الى شربل وطارق، فقد امتنع المصدر الامني عن تحديد المدى الذي بلغه التحقيق معهما، مجددا ان التحقيق بيّن انهما عميلان غير مرتبطين واحدهما بالآخر، وكل منهما يشكل شبكة قائمة بذاتها.
وردا على سؤال، قال المصدر الامني إن إلقاء القبض على شربل ق. وطارق ر. قد يعد أخطر وأهم إنجاز في تاريخ العمل الجاسوسي في لبنان، وقد قدما اعترافات خطيرة.... وأمامنا ملف عميق ومفتوح على شتى الاحتمالات.
اما صحيفة النهار فعلقت على كلام السيد نصر الله معتبرة انه وللمرة الاولى منذ قيام المحكمة الخاصة بلبنان بموجب القرار الرقم 1757 الصادر عن مجلس الامن في 30 أيار 2007، شن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حملة غير مسبوقة على القرار الظني المرتقب صدوره عن المحكمة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري و22 شخصاً آخرين في 14 شباط عام 2005.
اما في ملف عميل اتصالات شركة "الفا" ابلغت مصادر واسعة الاطلاع "النهار" ان المعلومات التي في حوزة كبار المسؤولين تفيد ان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي رصد منذ فترة من الزمن قزي، ومن أجل استكمال المعطيات عن شبكة الأخير طلب من وزارة الداخلية وفقاً للاصول ان تستحصل من وزارة الاتصالات على اذن بالاطلاع على المعطيات "داتا" التي تسمح بجلاء معطيات الشبكة. وفور تقديم الطلب بادرت مخابرات الجيش الى توقيف قزي وباشرت التحقيق معه.
المصدر : http://www.almanar.com.lb/NewsSite/NewsDetails.aspx?id=146681&language=ar